أصبحت الحملات التسويقية العابرة للحدود أمرًا شائعًا بفضل الرقمنة وسهولة الوصول إلى الأسواق الدولية.
لكن رغم الجاذبية التي قد يبدو عليها “توحيد الجهود” في حملة عالمية واحدة، تفشل كثير من الشركات في تحقيق نتائج متوقعة عندما تطبق نفس الحملة بنفس الأسلوب في كل بلد.

والسؤال الجوهري هنا: لماذا لا تنجح نفس الحملة في كل سوق؟
الإجابة تكمن في مبدأ يُعدّ من أهم ركائز التسويق العصري: “التسويق المخصص حسب السوق” (Market-Specific Marketing).

اقرأ أيضاً: الدليل الشامل: كيف تنشئ متجرك الإلكتروني من الصفر؟

1. اختلاف الأسواق يعني اختلاف السياق

تعدد الأسواق يعني تعدد السياقات، وكل سياق يصنع سلوكًا مختلفًا لدى الجمهور. لنلقِ نظرة على بعض أوجه الاختلاف الجوهرية:

أ. الفروقات الثقافية

• ما يُعد فكاهيًا في دولة قد يُعتبر مسيئًا في أخرى.
• الرموز والألوان تحمل دلالات مختلفة (مثل اللون الأبيض الذي يرمز للحياة في الغرب والموت في بعض الثقافات الآسيوية).
• القيم المجتمعية (الفردية مقابل الجماعية، المحافظة مقابل الانفتاح).

ب. الفروقات السلوكية

• طريقة اتخاذ القرار الشرائي تختلف: في بعض الدول يشتري الفرد بمفرده، وفي أخرى تؤثر العائلة ككل.
• توقيتات التفاعل الرقمي تختلف (مثلاً، ذروة الاستخدام في الخليج مساءً، بينما في أوروبا خلال الصباح).

ج. الفروقات الاقتصادية

• دخل الفرد والقوة الشرائية تحدد ما إذا كان المنتج يُعد فاخرًا أو مناسبًا للجميع.
• بعض الأسواق حساسة جدًا للسعر، بينما يهمّ البعض الآخر القيمة المضافة.

د. الفروقات التقنية

• في بعض الدول، مثل السعودية، يُعد سناب شات وتيك توك منصات رئيسية، بينما في ألمانيا مثلًا يتفوق فيسبوك ولينكدإن.
• بعض الأسواق تعتمد على الدفع النقدي، والبعض الآخر على المحافظ الرقمية.

تصفح أيضاً: 10 أخطاء قاتلة في الحملات الإعلانية تؤدي إلى هدر الميزانية دون نتائج!

2. حملات نجحت في مكان وفشلت في آخر: دروس حقيقية

مثال عالمي:

شركة مطاعم عالمية أطلقت حملة “افتح قلبك وشارك وجبتك” باستخدام إعلان يُظهر شابًا يشارك طعامه مع فتاة غريبة.
في أمريكا: لاقت الحملة إعجابًا باعتبارها تعبّر عن الانفتاح والكرم.
في الهند والخليج: فشلت لأن المشهد اعتُبر غير ملائم ثقافيًا.

مثال محلي ناجح:

شركة مستحضرات تجميل أطلقت حملة في السعودية تستخدم مؤثرات محجبات وتتحدث عن “جمالك بأسلوبك”، مع استخدام الألوان والعبارات المحلية.
النتيجة: تفاعل هائل، مبيعات مرتفعة، وقبول مجتمعي واسع.

الدرس:

السوق ليس فقط مكانًا جغرافيًا، بل منظومة قيم وسلوكيات تحتاج احترامًا وفهمًا عميقًا.

3. ما هو “التسويق المخصص حسب السوق”؟

هو نهج تسويقي يقوم على تكييف الإستراتيجية، الرسائل، القنوات، وحتى المنتج أو الخدمة بما يتناسب مع خصائص واحتياجات كل سوق على حدة.

يشمل:

• صياغة رسائل تسويقية بلغة محلية تحمل رموزًا مفهومة.
• الاستفادة من مؤثرين ومبدعين محليين يمثلون السوق المستهدف.
• تخصيص العروض أو طرق الدفع بناءً على طبيعة المستخدم المحلي.
• احترام القوانين والعادات المحلية في الحملات والإعلانات.

4. كيف تطبق هذا النوع من التسويق بنجاح؟

أ. ابدأ ببحث سوق دقيق

• لا تعتمد على الافتراضات. استخدم بيانات وتحليلات لتفهم الجمهور.
• استعن بشركاء محليين لفهم الفروق الدقيقة التي لا تُظهرها الأرقام وحدها.

ب. عدّل الرسائل التسويقية باحتراف

• لا تترجم المحتوى حرفيًا. بل قم بإعادة صياغته ثقافيًا (Cultural Adaptation).
• اختر كلمات، أمثلة، ونماذج تتحدث بلغة الناس فعليًا.

ج. اختر القنوات بعناية

• اسأل نفسك: ما القنوات الأكثر استخدامًا في هذا البلد؟ من المؤثرون المحليون؟ ما الأوقات المثلى للنشر؟

د. اختبر قبل أن تتوسع

• نفّذ حملة تجريبية (Pilot Campaign) في نطاق صغير، وراقب النتائج.
• اعتمد على البيانات لا الانطباعات، وعدّل وفقًا للتغذية الراجعة.

انظر أيضاً: لماذا يخسر موقعك الإلكتروني العملاء بدلًا من جذبهم؟

5. فوائد التسويق المخصص حسب السوق

• فعالية أعلى للحملات الإعلانية.
• احترام ثقافة الجمهور يبني الثقة والمصداقية.
• استجابة أسرع وتحقيق نتائج أفضل بمجهود أقل.
• تقليل احتمال الوقوع في أخطاء ثقافية تضر بالعلامة التجارية.

لا توجد وصفة تسويقية واحدة تصلح للجميع. وإذا كان الهدف من التسويق هو بناء علاقة حقيقية مع الجمهور، فإن احترام خصوصيات كل سوق هو أول خطوة في هذا الاتجاه.

كل سوق له لغته، ليس فقط بالحروف، بل بالقيم والعادات والسلوك والتسويق الفعّال هو الذي يُجيد التحدث بتلك اللغة، باحترام وذكاء.

الاسئلة الشائعة حول مبدأ التسويق المخصص حسب السوق:

ما هي أهم عيوب التسويق؟

المصادر:

Different marketing for different States – myth or reality?

Why do some marketing campaigns that worked brilliantly